أخبار خاصة

«قصة غزة الضائعة: الخطر أن يتحول مستقبل غزة إلى قصة ضياع جديدة… لكن الأمل أن ينهض أهلها بإرادتهم، فيُكتب مستقبلهم بأيديهم لا بأيدي الآخرين.»

— الدوقة نيفين الجمل

 

في رأيي، إن مستقبل غزة يُنتزع اليوم من أيدي أهلها. ما يُطرح عن دور لتوني بلير في حكم غزة لا يبدو لي حلاً مؤقتاً، بل خطوة تحمل ملامح تدخل دائم. فالتاريخ علّمنا أن القوى الخارجية إذا دخلت منطقة نادراً ما تغادرها. وهنا، أرى أن التاريخ يعيد نفسه، كما حدث عام 1947 عند إنشاء إسرائيل.

 

الحكم الانتقالي في غزة

 

تتبلور الآن فكرة “الهيئة الدولية الانتقالية لغزة” (GITA) بقيادة بلير، لإدارة القطاع لعدة سنوات. لكنني أعتقد أن هذه السنوات لن تنتهي، وأن السلطة الانتقالية ستتحول إلى واقع دائم يقيّد إرادة الشعب الفلسطيني.

 

أكثر من ذلك، أرى أن جماعات مثل حماس وداعش لم تُخلق من فراغ، بل استُخدمت كأدوات تخدم أجندات سياسية. الفلسطينيون العاديون أبرياء من هذه المعادلات، لكنهم يُدفعون دائماً ثمن الحسابات الدولية.

 

الممر الاقتصادي والهيمنة على التجارة

 

ما يلوح في الأفق هو طريق اقتصادي يمتد من الهند إلى أوروبا عبر غزة. قد يبدو مشروعاً تنموياً، لكنه في جوهره رؤية طويلة المدى للسيطرة على التجارة والموارد والنفوذ في المنطقة. وما المأساة الإنسانية والدمار في غزة إلا مقدمة لإعادة إعمار سيستفيد منها الخارج أكثر مما يستفيد منها أهل غزة.

 

إعادة إعمار غزة: بين الأجندات الخفية والفرص الحقيقية

 

تُسوَّق خطط إعادة الإعمار — بقيادة الولايات المتحدة والدول العربية والأمم المتحدة — على أنها مساعدة إنسانية. لكن خلف هذه الرواية يكمن هدف أعمق: السيطرة على الموارد الطبيعية في غزة، من الغاز البحري إلى النفط والمعادن الإستراتيجية.

 

لقد حاولت إسرائيل سابقاً استغلال هذه الثروات بشكل مباشر، لكنها ووجهت بضغوط دولية. واليوم، يبدو أن القوى العالمية اختارت طريقاً غير مباشر عبر مؤسسات الحوكمة ومشاريع الإعمار والاستثمارات.

 

في الداخل، هناك انقسام واضح: شعب يُكافح من أجل البقاء، ونخب تتحضر للاستفادة من أموال الإعمار. وهنا تجد القوى الخارجية منفذاً جديداً للثروة والنفوذ، على حساب الناس العاديين.

 

غزة بين السيطرة والفرصة

 

جوهر المسألة أن إعادة الإعمار ليست فقط إغاثة إنسانية، بل وسيلة لبسط نفوذ طويل الأمد. لكن غزة، رغم كل ذلك، تملك فرصة حقيقية لمستقبل آخر. إذا أُديرت ثرواتها بشفافية وعدالة، يمكن أن تتحول إلى منطقة مزدهرة. الاستثمار في البنية التحتية والتعليم ورأس المال البشري قادر على تحويل الدمار إلى أساس لاقتصاد قوي، يستفيد منه أبناء غزة أنفسهم لا القوى الخارجية.

 

إن الخطر الحقيقي أن يتحول مستقبل غزة إلى قصة ضياع جديدة. أما الأمل، فهو أن ينهض أهلها بإرادتهم، وأن يُكتب مستقبلهم بأيديهم، لا بأيدي الآخرين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى